دقيقتان

ربما تبدو كلمةمتمردفظة، ونحن لا نرتاح إليها عندما نوصف بها. بل إننا نميل إلى الاستجابة بالغضب. فهي تعطي انطباعًا أننا أشخاص قرروا بإصرار أن نعادي الله بشكل كامل وعلى نحو مستمر، وأن نرفض كل وصاياه، وأن نخرج من دائرة سيادته. وقد تتضمن كلمة التمرد كوننا بين الأشرار الذين رفضوا حبه ودعوته إلى الخلاص، وكأنهم اصطفوا إلى جانب الذين يحاربون قضاياه منتظرين دينونة الله في جهنم! فهم ليسوا من الأبرار. وإنها لكلمة قاسية جدًا من دون شك، لأنها تبدو كأنها تقدم تقييمًا مطلقًا لا يسمح بوجود نقطة مضيئة في الإنسان، وهي مبالغة غير عقلانية لا تنطبق على الواقع.

 لكن لله نظرته، وهي نظرة قد تصدمنا. فنحن نعرف أنه هو نفسه الحق، ولهذا فإن كل ما يقوله حق بالضرورة. وهو لا يلجأ إلى التهويل والمبالغة. فليس هذا من طبعه أو من معدنه الأخلاقي. وليس من المفيد أن نعترض على رأيه. وهو يرى أن كل شخص يخطئ إنما هو متمرد. وتخبرنا كلمة الله أننا كلنا مذنبون في هذا الأمر. ومن المنطقي أن يكون غير المؤمنين متمردين في ما يتعلق بموقفهم الرافض للتعليم الكتابي. لكن ماذا عن أولئك الذين كرسّوا أنفسهم كأتباع للسيد المسيح وما زالوا يخطئون؟ فما الذي ما زال يجعلنا نبتعد عن إرادة أبينا السماوي؟ هنالك مَيلان بشريان قويّان يؤديان إلى العصيان، وهما الشك والكبرياء. يمكن أن يكون كلاهما مضلِّلًا بشكل خطِر. فالشك مجاهدة (صعوبة) ذهنية في تصديق وعود الله. ولا نستطيع من منظورنا المحدود أن نفهم كيف يعمل الرب. قد يبدو طريقه أحيانًا السبيل الصحيح، لكن لكي نطيعه، يتوجب علينا أن نتصرف بإيمان. فإذا استمعنا بشك، فسنخرج خارج السبيل التقي. والشك هذا نفسه إهانة لله. فكأنه يسأل: لماذا تشك في كلامي؟ أهو معروف عني المناورة والتلاعب؟ هل لديَّ تاريخ من عدم الأمانة؟ هل سبق أن كذبت على أحد؟ وهل أتعمد إيذاءك بكذبي؟ هل أنا محتاج إلى الكذب لأحقق أهدافي؟ وهل يلجأ المحب إلى خداع محبيه؟ ألا تثق بمحبتي لك؟ ألا تعرف أني أنكر نفسي إذا فعلت ذلك ولو مرة واحدة؟ إن من يكذب هو شخص ضعيف يحاول النيل من شخص آخر أقوى منه. ألم تسمع عن أمانتي التي تبقى إلى الأبد؟

والكبرياء هي الخطية التي أسقطت إبليس من السماء. وليس أمرًا جذابًا أن نندرج نحن في فئة إبليس! والكبرياء كبرى المعاصي. وهي حاجز مخادع للمؤمنين. فالكبرياء فيك تصدِّق أن طريقك هو الأفضل، وأن الله لا يعرف خيرك ومصلحتك كما تعرف أنت من خبرتك. وهي تؤمن بقدرتنا أكثر من قدرة الله من خلال وعوده. لكن كل ما تفعله بدافع من الكبرياء للحصول على المديح هو تمرد على الله. وتحذرنا كلمة الله في سفر الأمثال: “قبل الكسر الكبرياء، وقبل السقوط تشامخ الروح.” (أمثال 16: 18) فلا تسمح للعدو بأن يغويك بالشك والكبرياء لئلا يسقطك. فكلاهما يبدو صوابًا يمكن تبريرهما بسهولة من منظورنا البشري. لكن ينبغي للمؤمنين أن يتبعوا حكمة يشوع في يشوع 24: 15: “فَاخْتَارُوا لأَنْفُسِكُمُ الْيَوْمَ مَنْ تَعْبُدُونَ. وَأَمَّا أَنَا وَبَيْتِي فَنَعْبُدُ الرَّبَّ.

فارس أبو فرحة